صاحبي ابو العلا شخصية عجيبة . يمتلك كل التناقضات الموجودة
في هذه الدنيا لا يكاد رايه يثبت على شيء الا وسرعان ما غيره .
اذا جالسته لحظات شعرت بان راسك سينفجر من كثرة كلامه وسرعته وشدة تناقضه .
ليس هذا فقط اسمعوا معي لاخر حديث دار بيننا :
أنا : اهلا بجاري وصديقي ابو العلا تفضل بالجلوس . اراك قد حلقت شعرك فنعيما .
هو : انعم الله عليك يا صديقي . أين القهوة ؟
أنا : القهوة يا أولاد .
هو : اجعله كأسا من الشاي .
أنا : شاي يا اولاد . لم انته من الطلب حتى غير رايه وطلب كاس عصر بارد
هو : اتدري يا صديقي ! اردت الذهاب للحلاق فقلت في نفسي اذهب مشيا ام في السيارة . من الافضل ان اذهب مشيا احرك قدمي واخرج السموم من جسدي
بالتعرق اثناء المشي . هكذا كان يقول والدي رحمه الله . ركبت السيارة وتوجهت الى الحلاق . ولو تعرف يا صديقي ما حصل هناك ؟
انا : خبرني بالله عليك !!!
هو : جلست انتظر الدور . كان يجلس على كرسي الحلاقة شخص في العقد الرابع
من عمره كما بدا لي . أبيض الوجه مدوره .شعره قصير ولكنه غير مهذب . له لحية
كستنائية اللون ناعمة لا بالطويلة ولا بالقصيرة . حسدته على جمالها . بدا الحلاق بتخفيف
جوانب الشعر حتى ازال كل الشعرات الزائدة الشاذة وهذب الاطراف حتى استوت كاسنان
المشط . قلت في عقلي ما انبل مهنة الحلاقة . هذا الرجل (الحلاق) تدخل عنده بحالة
يرثى لها , فيخرجك جميل الوجه . مهذب الشعر . يا لهذا الرجل ! كم اسعد زوجة برؤية
زوجها بهذه الصورة البهية وكم افرح ام برؤية ولدها بابهى زينة . بارك الله في هذه المهنة
المباركة. وفي من يمتهنها .
انا : اكمل يا رجل مالك سكتت .
هو : شربنا العصير فاين القهوة التي وعدتنا بها؟.
أنا : احضروا الشاي يا اولا د .
هو : ثم فجأة يا صاحبي امتدت يد الحلاق لتلك الالة اللعينة وبدا يحلق لحية الرجل .
يا الله ! ما هذا ؟ مالذي يفعله . انتظرت ان يصرخ الرجل . فلم يفتح فمه . واستمر الحلاق .
وبدأ شعر اللحية الجميل المبارك يتساقط على الارض والله كدت انزل وألملم هذه الشعرات الطيبة
. ثم بدا هذا الحلاق المخبول يدوس على تلك الشعرات . ماهذا ؟ الم يستطع على الاقل
ان يجمعها قبل ان تسقط على الارض اكراما لها . واستمر هذا الحلاق الاحمق بحلق لحية
الرجل والدوس عليها جيئة وذهابا وفي كل مرة يدوس فيها على قلبي . قاتله الله من احمق
قليل العقل والايمان . لا الومه وحده .عتبي على صاحب تلك اللحية الطيبة الذي فرط بها في
لحظات قصيرة .
أنا : هون عليك يا صديقي . هذه هي الدنيا وهذه حال الناس . وللناس فيما يعشقون مذاهب .
هو : نعم . نعم جلست وكلي حنق على ذلك الكرسي . وقام الرجل بحلاقة شعري . ثم ......
دققت قليلا في وجه ابي العلا وهو يتكلم عن لحية الرجل . اشاح بوجهه عني قليلا . فلم اكن قد انتبهت لوجهة في غمرة سرعة الكلام والطلبات وظلمة المساء .
أنا : ابا العلا ؟! اين لحيتك الخفيفة التي دأبت على تشذيبها والعناية بها .
اراها اختفت .
هو : نعم . نعم . قلنا هالمرة نعمل نيو لوك (new look).
هذا صديقي ابو العلا ولي معه قصص اخرى مشوقة سأرويها لك في الوقت المناسب باذنه تعالى